اسباب النوم الزائد.. لماذا أنام كثيراً !!

النوم الزائد ليس بالضرورة علامة على الكسل أو قلة الإرادة، بل يمكن النظر إليه كإشارة من الجسم والعقل لوجود اختلال في أحد أنظمة التنظيم الداخلية — سواء العصبي أو العاطفي أو الشعوري. أحيانًا يكون النوم المفرط وسيلة غير واعية للبحث عن الأمان، أو انسحابًا من ضغط نفسي مزمن، أو حتى مرحلة ترميم بعد فترة طويلة من التوتر. 

من منظور علم الأعصاب وتنظيم الجهاز العصبي، النوم الزائد يشير أحيانًا إلى دخول الجسم في حالة “تجمّد”، حيث يتوقف عن المقاومة ويختار الانسحاب كآلية بقاء. بينما من منظور النفس الداخلي، قد يكون أحد الأجزاء النفسية يحاول حمايتك من ألم داخلي أو توتر متراكم، فيدفعك للانعزال عن الواقع عبر النوم.

من الزاوية الجسدية-الطاقية، يمكن أن يظهر النوم الزائد بعد فترات التوتر أو الفقد كاستجابة تعويضية طبيعية للشفاء. أما من الناحية الشعورية، فهو غالبًا يعكس اضطرابًا بين محوري القدرة والحرية — أي فقدان الدافع للفعل بسبب التعب الداخلي أو الاستنزاف الطاقي. وأحيانًا يرتبط النوم الزائد بمعتقدات راسخة مثل “لا أستحق الراحة إلا بعد الإنهاك”، مما يخلق دائرة من نوم وذنب تتكرر تلقائيًا.للتعامل مع هذه الحالة عمليًا، يُنصح بالبدء بملاحظة اللحظة السابقة للرغبة في النوم: ما الشعور الذي كان حاضرًا؟ القلق؟ الفراغ؟ الحزن؟ هذا الوعي البسيط قد يفتح بابًا للفهم.

 يمكن أيضًا تهدئة الجهاز العصبي عبر تنفّس بطيء ومنتظم (شهيق 4 ثوانٍ، زفير 6 ثوانٍ)، أو تحريك لطيف للجسم صباحًا لإعادة تنشيط الحيوية. يساعد تدوين الإحساس بعد الاستيقاظ على التمييز بين “نوم شفاء” و“نوم هروب”. كما أن التعرض للضوء الطبيعي صباحًا يعيد ضبط الإيقاع الحيوي ويقلل من اضطراب النوم.أما على المستوى الأعمق، فاستحضار مشاعر الاتزان مثل الطمأنينة، القدرة، والحرية، يمكن أن يخفف الحاجة المفرطة للنوم لأنها تعيد للجسم شعوره بالأمان الداخلي. ومع الوقت، تظهر مؤشرات التقدم مثل انخفاض ساعات النوم الزائدة، تحسّن الطاقة خلال النهار، وانتظام الاستيقاظ دون منبّه.باختصار، النوم الزائد ليس عدواً يجب محاربته، بل رسالة تستحق الإصغاء والفهم — فهو أحيانًا الطريقة التي يقول بها الجسد: “كفى، أحتاج إلى استراحة لأعود إلى الحياة.”